أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة 27 مايو 2022م : المستثمر الوطني ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 27 مايو 2022م : المستثمر الوطني، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ: 26 شوال 1443هـ – الموافق 27 مايو 2022م.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 27 مايو 2022م ، للدكتور محروس حفظي : المستثمر الوطني.

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 27 مايو 2022م ، للدكتور محروس حفظي : المستثمر الوطني ، بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 27 مايو 2022م ، للدكتور محروس حفظي : المستثمر الوطني ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

 

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

و للمزيد عن الدروس الدينية

عناصر خطبة الجمعة القادمة: المستثمر الوطني ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:

 

(1) مِن مقاصدِ الاستثمارِ في الشريعةِ الإسلاميةِ .

(2) أهمُّ صفاتِ المستثمرِ الوطنيِّ .

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة المستثمر الوطني ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي:

الحمدُ للهِ حمدًا يُوافِي نعمَهُ، ويُكافىءُ مزيدَهُ، لك الحمدُ كما ينبغِي لجلالِ وجهِكَ، ولعظيمِ سلطانِكَ، والصلاةُ والسلامُ الأتمانِ الأكملانِ على سيدِنَا محمدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أمَّا بعدُ ،،،

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة

(1) مِن مقاصدِ الاستثمارِ في الشريعةِ الإسلاميةِ:

*حفظ ُالمالِ وتنميتُهُ: إنَّ الهدفَ مِن الاستثمارِ في الإسلامِ ليس مجردَ تحقيقِ الربحِ فقط؛ ولكنَّ الهدفَ تحقيقُ التنميةِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والنهوضُ بالمجتمعاتِ، لذا أوجبَ الشارعُ الحكيمُ على المستثمرِ استغلالَ المواردِ بطريقةٍ صحيحةٍ؛ لأنَّ عدمَ استغلالِهَا بالطريقةِ المُثلَى معناهُ اقتصاديًّا أنْ يُؤدي إلى التخلفِ عن ركبِ الحضارةِ، وقد عبَّرَ القرآنُ الكريمُ عن المواردِ الاقتصاديةِ بالنعمِ، وعبَّرَ عن التخلفِ بـ «الكفرِ بنعمةِ اللهِ»، فالكفرُ هو السترُ والتغطيةُ، وعدمُ استعمالِ النعمةِ فيما خُلقتْ لهُ، أو استغلالُهَا بشكلٍ خاطئٍ، ولذا كانتْ العاقبةُ معيشةً ضنكًا التي قوامُهَا الفقرُ الماديُّ، والفراغُ النفسيُّ المتمثلُ في الخوفِ والقلقِ والاضطرابِ قالَ تعالى: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُون‌﴾، مِن هُنا يُعلمُ أنَّ تحقيقَ الاستقرارِ الاجتماعيِّ والاقتصاديِّ لمجتمعٍ مَا يتوقفُ بالدرجةِ الأُولى على مدىَ محافظةِ أفرادِ ذلك المجتمعِ على تنميةِ الثرواتِ، واستغلالِ المواردِ الطبيعيةِ بشكلٍ أمثلٍ، ولم يرتقِ مجتمعٌ قطٌّ بدونِ تظافرِ أفرادهِ على العملِ الدؤوبِ في حسنِ التصرفِ بالمواردِ وتنميتِهَا، ولذا فقد وجهَنَا الإسلامُ إلى حفظِ المالِ وتنميتِهِ بالسبلِ المشروعةِ كالإجارةِ والمضاربةِ والاستصناعِ والسلمِ والمرابحةِ والشركةِ … إلخ، وجعلَ الزكاةَ ركنًا مِن أركانِ الإسلامِ الخمسةِ.

*استمرارُ تداولِ المالِ: إنَّ تنميةَ المالِ وزيادتَهُ تقتضِي ضرورةَ تداولِهِ وتقلبهِ في الأسواقِ، وبالتالِي لا ينحصرُ المالُ في أيدي فئةٍ قليلةٍ مِن المجتمعِ، بل لا بدَّ مِن إشراكِ عددٍ غيرِ قليلٍ مِن أفرادِ المجتمعِ في تقلبِ المالِ المرادِ استثمارهُ امتثالًا لقولهِ جلَّ وعلا: ﴿‌كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾؛ ولذا حرَّمَ دينُنَا جملةً مِن الوسائلِ الاستثماريةِ الموهومةِ التي تحولُ دونَ تحقيقِ ديمومةِ تداولِ المالِ ولعلَّ مِن أبرزِهَا الاحتكارُ الذي هو حبسُ الشيءِ مع حاجةِ الناسِ إليهِ بقصدِ إغلاءِ سعرهِ فعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ، وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ»(ابن ماجه، وحسنه الحافظ ابن كثير).

*تحقيقُ الرفاهيةِ الشاملةِ للفردِ والمجتمعِ: مِن أهمِّ مقاصدِ الشارعِ في الدعوةِ إلى استثمارِ المالِ هو إزالةُ الفقرِ والحاجةِ عن كاهلِ أفرادِ المجتمعِ، وتحقيقُ السعادةِ، وإشباعُ الحاجاتِ الإنسانيةِ الأساسيةِ، وإزالةُ كافةِ الأسبابِ التي تؤدِّي للمتاعبِ، وتحسينُ نمطِ المعيشةِ ماديًّا ومعنويًّا، وهذا يتطلبُ تضافرَ جميعِ الجهودِ، وبذلِ الوسعِ والطاقةِ مِن أجلِ العبورِ والوصولِ للتنميةِ الشاملةِ.

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة

(2) أهمُّ صفاتِ المستثمرِ الوطنيِّ:

مِن أجلِ تحقيقِ العمليةِ الاستثماريةِ أهدافُهَا قد طوقَهَا دينُنَا بمجموعةٍ مِن القيمِ والمعاييرِ الأخلاقيةِ بحيثُ تجعلُ مِن المجتمعِ أمةً تأكلُ الطيباتِ، وتعملُ على إعمارِ الأرضِ دونَ إسرافٍ ولا تقتيرٍ كما قالَ ربُّنَا: ﴿‌وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً﴾، ومِن أهمِّ تلكَ القيمِ والمعاييرِ ما يلي:

*وضعُ المالِ في مشاريعَ متعددةٍ واستثمارُهُ في الحلالِ، والطرقِ المشروعةِ: لقد جعلَ اللهُ حفظَ المالِ مِن المقاصدِ الستةِ الكُبرى للشريعةِ، ومهّدَ الطريقَ أمامَ استثمارِهِ بأدواتٍ وصيغٍ عديدةٍ تُراعِي المصلحةَ العامةِ، وتخدمُ العدالةَ الاجتماعيةَ والاقتصاديةَ، وتحققُ النموَّ، وهذا ما حرصَ سيدُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على توجيهِ وتربيةِ أصحابهِ عليهِ فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ، فَقَالَ: لَكَ فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: بَلَى، حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ، وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ، وَقَدَحٌ نَشْرَبُ فِيهِ الْمَاءَ، قَالَ: ائْتِنِي بِهِمَا، قَالَ: فَأَتَاهُ بِهِمَا، فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قَالَ: مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ؟ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ، فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ، فَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ، وَقَالَ: اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ، وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا، فَأْتِنِي بِهِ»، فَفَعَلَ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ، فَشَدَّ فِيهِ عُودًا بِيَدِهِ، وَقَالَ: اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَلَا أَرَاكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَجَعَلَ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ، فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، فَقَالَ: اشْتَرِ بِبَعْضِهَا طَعَامًا وَبِبَعْضِهَا ثَوْبًا، ثُمَّ قَالَ: هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ وَالْمَسْأَلَةُ نُكْتَةٌ فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ، أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أَوْ دَمٍ مُوجِعٍ» (أبو داود، ابن ماجه)، فانظرْ كيفَ أمرَ سيدُنَا صلَّى اللهُ عليه وسلم أنْ يبيعَ هذا الرجلُ كلَّ ما عندَهُ مِن سلعٍ استهلاكيةٍ كي يحصلَ على أداةِ إنتاجٍ واحدةٍ يستعيدُ ببعضِ ما يدخرهُ مِن عائدِهَا هذه السلعَ مرةً أُخرى أو خيرًا منها ويستهلكُ جزءًا مِن إيرادِهَا في مأكلِهِ ومشربهِ وملبسهِ!.

واهتمَّ الإسلامُ أيضًا بتوزيعِ الاستثمارِ على كافةِ الأنشطةِ الاقتصاديةِ الضروريةِ للمجتمعِ، وفتحَ المجالَ للإنسانِ أنْ يباشرَ الحلالَ مِن أوسعِ أبوابهِ فقولُهُ تعالَى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ «الْأَلِف وَاللَّام» لِلْجِنْسِ فيفيدُ حلَّ جميعِ المعاملاتِ الإقتصاديةِ إلَّا ما نُهِيَ عَنْهُ وَمُنِعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ مِمَّا هُوَ ثَابِتٌ فِي السُّنَّةِ، وَإِجْمَاعِ الْأُمَّة، ولذا يُوجّهُ ربُّنَا خطابَهُ للبشريةِ جمعاءَ أنْ تتحرَّى الحلالَ في أكلِهَا فيقولُ:﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ وقالَ: ﴿فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ وفي الوقتِ ذاتِهِ حرّمَ المعاملاتِ التي لا تمثلُ نشاطًا اقتصاديًّا منتجًا ثابتًا كالغشِّ، الرشوةِ، الاحتكارِ، السرقةِ، الظلمِ، تجارةِ المخدراتِ، القمارِ … إلخ قالَ تعالَى:﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ﴾.

*الإسلامُ يشجعُ الادخارَ، ويحرمُ الاكتنازَ: حثَّ دينُنَا على الادخارِ، باعتبارهِ الخُطوَةِ التي تسبقُ الاستثمارَ، أو هو أداةُ الاستثمارِ على الوجهِ الأقربِ للصوابِ قالَ تعالى متوعدًا مَن يفعلُ ذلك بأشدِّ ألوانِ الوعيدِ، وأعنفِ عباراتِ الترهيبِ: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ﴾، ولذا حرصَ سيدُنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على التشغيلِ الكاملِ لرأسِ المالِ حتى ولو كانَ شيئًا قليلًا، ونهَى الإنسانَ أنْ يتجردَ مِن ممتلكاتِهِ فعن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: «جَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعُودُنِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، وَهْوَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ بِالأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا، قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ عَفْرَاءَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ: لاَ. قُلْتُ: فَالشَّطْرُ؟ قَالَ: لاَ قُلْتُ: الثُّلُثُ؟ قَالَ: فَالثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِمْ وَإِنَّكَ مَهْمَا أَنْفَقْتَ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ، حَتَّى اللُّقْمَةُ الَّتِي تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ، وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَكَ فَيَنْتَفِعَ بِكَ نَاسٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَئِذٍ إِلاَّ ابْنَةٌ» (البخاري)، وينبغي أنْ نفرقَ بينَ الادخارِ المنشودِ شرعًا لأغراضِ الاستثمارِ أو الاستهلاكِ المستقبلِي، والاكتنازِ الذي حرمَهُ اللهُ حيثُ يمنعُ مِن استغلالِ المالِ في الأنشطةِ التجاريةِ لخدمةِ المجتمعِ، وهو ما يقللُ مِن إتاحةِ فرصِ العملِ، ويخفضُ القوةَ الشرائيةَ للمجتمعِ، ويعطلُ دورةَ المالِ، ويقللُ مِن معدلاتِ الإنتاجِ، ولذا أمرَ الإسلامُ بتنميةِ المالِ المدخرِ بدلَ اكتنازهِ وحبسهِ، ومِن هُنا جاءَ الحثُّ على استثمارِ أموالِ الأيتامِ حتى يؤدِّي إلى تنميةِ المالِ وزيادتِهِ قالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا مَنْ وَلِيَ يَتِيمًا لَهُ مَالٌ فَلْيَتَّجِرْ فِيهِ، وَلَا يَتْرُكْهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الصَّدَقَةُ» (الترمذي وَقَالَ: فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ)، وعن عمرَ – رضي اللهُ عنه- أنَّهُ قال: «ابتغُوا في أموالِ اليتامَى لا تستهلكُهَا الزكاةُ» (الموطأ) .

كما عني أيضًا بعدمِ تبديدِ الطاقاتِ الإنتاجيةِ، ومنها الأصولُ الثابتةٌ، فوجهَ الإنسانَ أنْ يضعً مالَ عقارهِ الذي باعَهُ في عقارٍ آخر حتى لا ينفذ المالُ، ويترك ورثتَهُ عالةً يسألونَ الناسَ فعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«مَنْ بَاعَ دَارًا وَلَمْ يَجْعَلْ ثَمَنَهَا فِي مِثْلِهَا، لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهَا» (ابن ماجه، أحمد بسندٍ حسن).

* الإسلامُ يشجعُ الإنفاقَ، ويحرمُ البخلَ: إنَّ ترشيدَ الاستهلاكِ لا يعنِي أنَّ الإسلامَ يحضُّ على تقليلِ الإنفاقِ، بل حثَّ عليهِ لكنَّهُ في ذاتِ الوقتِ عمدَ إلى تنظيمهٍ، واعتدالِ تدفقهِ، بهدفِ تنميةِ مواردِ المجتمعِ ، وإشباعِ حاجاتِ الخلقِ، ومنعِ الاستهلاكِ الترفِي قالَ ربُّنَا: ﴿‌مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَٰذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَٰكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾، فالآيةُ قد نفرتْ مِن الإنفاقِ الاستهلاكِي الترفِي في الحياةِ الدنيا، وهذا يعملُ على خلقِ فائضٍ اقتصاديٍّ يستخدمُ في خلقِ التراكمِ الرأسمالِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا عَالَ مَنِ اقْتَصَدَ» (أحمد، والطَّبَرَانِيُّ ، وَرِجَالُهُ وُثِّقُوا، وَفِي بَعْضِهِمْ خِلَافٌ)، والإسلامُ لم يقفْ عندَ حدِّ تشجيعِ الإنفاقِ بجميعِ أنواعهِ في الوجوهِ المشروعةِ وحسب، بل حرمَ البخلَ تحريمًا شديدًا وحذرَ منهُ في غيرِ آيةٍ وحديثٍ، وإذا كان الاكتنازُ حبسًا للمالِ المدخرِ عن دورةِ الاستثمارِ، فإنَّ البخلَ حبسٌ للمالِ المدخرِ عن دورةِ الاستهلاكِ، وهو بهذا المعنى تنميةٌ للمالِ على حسابِ رغباتِ النفسِ والحاجاتِ الضروريةِ.

*القرضُ كأحدِ أهمِّ وسائلِ الاستثمارِ والمتاجرةِ مع اللهِ تعالى: إنَّ إقراضَ الغيرِ أحدُ أهمِّ الأبوابِ الذي دعَا إليهِ ربُّنَا في كتابهِ العزيزِ كوسيلةٍ موصلةٍ لإغناءِ المقترضِ مِن خلالِ استخدامِ هذا المالِ فيما ينفعُهُ، ولذا حثَّنَا دينُنَا عليهِ، ورغبَّ في البحثِ عن المحتاجين والتيسيرِ عليهم، وليعلمَ الإنسانُ أنَّ المالَ مالُ اللهِ، وأنَّ حاجةَ المُقرضِ لإقراضِ الغيرِ أشدُّ مِن الحاجةِ للمالِ قالَ تعالى: ﴿‌مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾، فالقرضُ بابٌ مِن أبوابِ التعاونِ والتكاتفِ مِن أجلِ نشرِ السعادةِ بينَ البشرِ جميعًا قالَ تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ‌﴾، فحريٌّ بكلِّ إنسانٍ أنْ يسارعَ إليهِ ويلزمُهً فعن بُرَيْدَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلِهِ صَدَقَةٌ، قَالَ: ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ، قُلْتُ: سَمِعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَقُولُ: مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلِهِ صَدَقَةٌ، ثُمَّ سَمِعْتُكَ تَقُولُ: مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ، قَالَ لَهُ: بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ، فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَأَنْظَرَهُ فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ» (أحمد، إسناده صحيح على شرط مسلم) .

إنَّ الإسلامَ يريدُ أنْ ينشرَ ثقافةَ الإحساسِ بالغيرِ، ونفعَ الناسِ بأيِّ وسيلةٍ كانتْ كي يعمَّ الأمنُ والأمانُ، والرخاءُ والاستقرارُ، ولذا فالمستثمرُ الوطنيُّ هو مَن يشعرُ بحالِ الآخرين، ويعايشُهُم ويتحسسُهُم، ويعرفُ مواطنَ حاجتِهِم، ومكمنَ ضعفِهِم، وقد بشرَ سيدُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنْ مَن يُخففُ عن الناسِ آلامَهُم وجراحَهُم سيخففُ اللهُ عنه – تكرمًا وتفضلًا منهُ عزَّ وجلَّ -؛ ليكونَ الجزاءُ مِن جنسِ العملِ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«كَانَ رَجُلٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ: إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ، لَعَلَّ اللهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا، فَلَقِيَ اللهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ» (متفق عليه)، وقد حفلَ تاريخُنَا برجالِ أعمالٍ كُثُرٍ كعثمانَ بنِ عفانَ وعبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ وغيرهِمَا مِن الصحابةِ مِمَّن استثمرُوا أموالَهُم وعمَّ خيرُهُم على الناسِ، فتجهيزُ جيشِ العُسرةِ، وشراءُ بئرِ رومةَ للمسلمين ما هو إلَّا ثمرةٌ مِن ثمراتِ السخاءِ والإحسانِ التي غرستْهِا فيه المدرسةُ المحمديةُ حتى قالَ فيهِ سيدُنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ اليَوْمِ مَرَّتَيْنِ» (الترمذي وحسنه) .

نسألُ اللهَ أنْ يجعلَ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، وأنْ يوفقَ ولاةَ أُمورِنَا لما فيه نفعُ البلادِ والعبادِ.

كتبه: د / محروس رمضان حفظي عبد العال

عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر

 

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »